- تناول مبحث من مباحث علم البلاغة و تطوره مع نماذج له . |
يعني تكلمي عن اي موضوع من هالمواضيع مثال الاستعاره بأقسامها :-
"
تقسيمات الإستعارة
التقسيم الأول: تنقسم الإستعارة بلحاظ حذف أحد طرفيها إلى قسمين:
1. الإستعارة التصريحية: و هي ما صُرّح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه، كقوله تعالى: «اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ»(1)، حيث شبه الدين الحق بالصراط المستقيم بجامع(2) الإيصال الى الغاية، ثم حذف المشبه، و أبقى المشبه به. و كقول الإمام علي عليهالسلام : «فإنّ الناس قد اجتمعوا على مائدة، شبعها قصير، و جوعها طويل»(3) حيث شبه الدنيا بالمائدة بجامع كونهما مجتمع اللذات، ثم حذف المشبه، و أبقى المشبه به.
1. الفاتحة : 6.
2. الجامع في الإستعارة هو وجه الشبه في التشبيه.
3. نهج البلاغة، الخطبة 21.
2. الإستعارة المكنية: و هي ما حذف فيها المشبه به، و رمز له بشيء من لوازمه. و إثبات لازم المشبه به للمشبه يسمى: «إستعارة تخييلية»، كقوله تعالى: «وَ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ»(1)، حيث شبه الدعاء بشيء ممتد، و حذف المشبه به، و أبقى شيئاً من لوازمه و هو العرض و الاتساع، على سبيل الإستعارة بالكناية، و إثبات العرض للدعاء إستعارة تخييلية.
و كقوله عليهالسلام : «فكأن قد علقتكم مخالب المنية»(2) حيث شبه المنية بالسبع بجامع اغتيال النفوس، ثم حذف المشبه به، و أبقى شيئاً من لوازمه و هو المخالب على سبيل الإستعارة المكنية و إثبات المخالب للمنية استعارة تخييلية.
التقسيم الثاني: تقسيمها باعتبار طرفيها من حيث اتصالها بالملائم و عدمه، إلى ثلاثة أقسام:
1. الإستعارة المطلقة: و هي التي خلت عن ملائم الطرفين، كقوله تعالى: «إِنَّا لَمّا طَغَى المَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِى الْجَارِيَةِ»(3)، حيث شبه زيادة الماء زيادة مفسدة بالطغيان، بجامع مجاوزة الحد في كل، ثم استعير لفظ المشبه به للمشبه على سبيل الإستعارة التصريحية، من دون أن يذكر ملائم لأحد الطرفين.
2. الإستعارة المرشحة: و هي المقرونة بما يلائم المستعار منه (المشبه به)، كقوله تعالى: «أُولئِكَ الَّذينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ»(4)، حيث استعير الاشتراء للاستبدال و الاختيار على سبيل الإستعارة التصريحية، ثم فرّع عليه ما يلائم المستعار منه من الربح و التجارة.
1. فصلت: 51.
2. نهج البلاغة، الخطبة 85.
3. الحاقة: 11.
4. البقرة: 16.
3. الإستعارة المجردة: و هي المقرونة بما يلائم المستعار له (المشبه)، كقوله تعالى: «فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الجُوعِ و الخَوْفِ»(1)، ففي الآية استعارتان:
الأولى: استعارة الإذاقة التي من شأنها أن تستعمل في المطعومات، للإصابة التي من شأنها أن تستعمل في الضرر و الألم الناشىء عن الجوع و الخوف، على سبيل الإستعارة التصريحية.
الثانية: استعارة اللباس للأثر الحاصل من الجوع و الخوف(2)، أعني: الضرر، على سبيل الإستعارة التصريحية.
و الإستعارة الثانية ملائمة للمستعار له في الإستعارة الأولى و هو الإصابة، إلا أنها ملائمة له على سبيل المجاز دون الحقيقة.
و إنما عدل عن الترشيح إلى التجريد، مع أنّ الأول أبلغ ـ كما سيأتي ـ فلم يقل (كساها اللّه لباس الجوع و الخوف) أو (أذاقها اللّه طعم الجوع و الخوف)، لأن المراد من الآية إفادة أمرين:
1. أن العذاب أثّر في القرية غاية التأثير.
2. أنه كان شاملاً لجميع القرية.
و الإذاقة تدل على الأول دون الكسوة، و اللباس لكونه يعم البدن يشعر بالثاني، دون الطعم الذي يقصر التأثير على الفم(3).
1. النحل: 112.
2. قال في المجمع: سمي أثر الجوع و الخوف لباساً، لأن أثرهما يظهر على الإنسان كما يظهر على اللباس.
3. قال بعض شراح الكشاف أن هذا الكلام يستحق على علماء البيان أن يكتبوه بالتبر لا بالحبر. و قد وضحته بشكل لم يسبقني إليه احد.
تنبيهات متعلقة بالتقسيم السابق
الأول: لا يعتبر الترشيح و التجريد إلا بعد استيفاء الإستعارة لقرينتها، و لهذا لا تسمى قرينة التصريحية تجريداً، و لا قرينة المكنية ترشيحاً.
الثاني: الترشيح أبلغ من التجريد، فالإستعارة المقرونة بما يلائم المستعار منه، أبلغ من المقرونة بما يلائم المستعار له، و ذلك لأن الاستعارة ـ كما تقدم ـ مبنية على تناسي التشبيه، فإذا ذكر ما يلائم المشبه به دون المشبه، كان هذا موجباً لتقوية ذلك المبنى، فتشتد المبالغة في إدخال المشبه في جنس المشبه به.
الثالث: ذكر ما يلائم المستعار منه في الترشيحية، و ما يلائم المستعار له في التجريدية، أعم من أن يكون على نحو الحقيقة أو المجاز، كما مرت الإشارة إليه في مثال الإستعارة التجريدية.
التقسيم الثالث: تقسيمها باعتبار الجامع إلى قسمين:
1. الإستعارة العامية: و هي ما كان الجامع فيها ظاهراً، يعرفه كل واحد. و سميت عامية، لكونها مبتذلة، تذكر على ألسنة العوام، كاستعارة الأسد للشجاع، و البحر للعالم، و الصباح للوجه المشرق، و نحو ذلك من الإستعارات الظاهرة، التي تلوكها ألسنة العوام.
2. الإستعارة الخاصية: و هي الغريبة التي يكون الجامع فيها غامضاً، لا يطلع عليه إلاّ الخواص، و هم الذين أوتوا ذهناً ارتفعوا به عن طبقة العوام. و الغرابة التي تجعل الإستعارة منسوبة إلى الخواص تنشأ من أحد أمرين:
أحدهما: أن يكون التشبيه فيه نوع غرابة، كاستعارة التقطيع للتفريق في قوله تعالى: «وَ قَطَّعْنَاهُمْ فِى الأَرْضِ أُمَماً»(1)، فإنها استعارة تصريحية خاصية، منشأ الغرابة فيها راجع إلى غرابة التشبيه.
ثانيهما: أن يتصرف في الإستعارة العامية تصرفاً يخرجها عن الابتذال، كما في قوله تعالى: «و اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً»(2)، فاستعارة الاشتعال للانتشار و الظهور إستعارة عامية، لكنه لما أسند الاشتعال الذي حقه أن يسند إلى الشيب، أسنده إلى الرأس، أورث الإستعارة دقة و غرابة، إذ أنه يريد أن يشعر أن الشعر الأبيض لكثرته، قد ملأ الرأس، بحيث انتقل وصف الشعر إلى الرأس، فصار كل جزء من الرأس مشتعلاً، و لو كان هناك شيء من الشعر لم يتصف بالوصف، لما صدق الاشتعال على الرأس.
و مما ينبغي أن يعلم في المقام، أنه يستحسن ألاّ تبعد الإستعارة جداً، فتعزب عن الفهم(3)، و لا تقرب جداً فتستبرد، و خير الأمور أوسطها.
التقسيم الرابع: تقسيمها باعتبار الإفراد و التركيب إلى قسمين:
1. الإستعارة المفردة: و هي الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة المشابهة، أو قل: هي الإستعارة التي لا يكون أصلها تشبيه تمثيل. و علماء البلاغة جعلوا هذا القسم من الإستعارة مقسماً للتقسيمات السابقة.
2. الإستعارة المركبة: و هي المركب المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة، أو قل هي ما كان أصلها تشبيه تمثيل، و هو ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد. و يختص هذا القسم من الإستعارة باسم الإستعارة التمثيلية، بل إذا أطلق التمثيل لا يتبادر منه إلا هذا.
1. الاعراف: 168.
2. مريم: 4.
3. كما في قول يزيد بن مسلمة يصف فرساً بأنه مؤدب:
وَ إَذا احْتَبى قَرَبُوسَهُ بِعِنَانِهِ عَلَكَ الشّكِيمَ إلى انْصِرَافِ الزَائِرِ
و من أمثلتها في القرآن الكريم قوله تعالى: «وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِم السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ»(1)، حيث شبّه تعالى حال أولئك الماكرين في تسويتهم المكائد للإيقاع بالرسل عليهمالسلام ، و في إبطاله تعالى لتلك الحيل، و جعله إياها أسباباً لهلاكهم، بحال قوم بنوا بنياناً، و عمروه بالأساطين، فأتى الهلاك من قبل أساطينه، بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف فهلكوا، بجامع أنّ ما عدّوه، سبباً لنفعهم، عاد سبباً لاستئصالهم. فاستعيرت الهيئة الدالة على المشبه به، للّهيئة الدالة على المشبه، على سبيل الإستعارة التمثيلية. و من هذا الباب قول المتنبي:
وَ مَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجِدْ مُرّاً بِهِ الماءَ الزُّلاَلاَ
حيث شبّه حال من يعيب شعره، لعيب في ذوقه الشعري، و ضعف في إدراكه الأدبي، بحال المريض الذي يصاب بمرارة في فمه، إذا شرب الماء العذب وجده مرّاً، ثم استعار التركيب الدال على المشبه به للمشبه، على طريقة الإستعارة التمثيلية.
و إذا اشتهرت الإستعارة التمثيلية، و كثر استعمالها، سميت مثلاً، فلا يجوز تغييره و الحالة هذه، بل يستعمل للمفرد و المذكر و فروعهما بطريقة واحدة، لأن الاستعارة هي لفظ المشبه به، المستعمل في المشبه، فلو غير المثل، لما كان لفظ المشبه به بعينه، فلا يكون استعارة، فلا يكون مثلاً، و هذا هو السر في قولهم الأمثال لا تبدل.
و من أمثلة ذلك قولهم في المحتاج الى شيء بعد تفريطه به: «الصيفَ ضيّعتِ اللبن»، و بيان الإستعارة في هذا المثل أن يقال: شبّه حال المحتاج الى شيء بعد تفريطه به، بحال المرأة التي كانت تحت شيخ غني، فتركته و تزوّجت شابّاً فقيراً، فأصابهما ضنك في الشتاء، فجاءت إلى زوجها الأول، تطلب منه لبناً، ثم استعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، فصار تمثيلاً.
1. النحل 26.
و كيفية إجراء الإستعارة في الأمثال عموماً، أن يقال: شبه المضرب ـ و هي الحالة الجديدة ـ بالمورد ـ و هي الحالة القديمة التي قيل فيها لأول مرة ـ ثم استعير الكلام الموضوع للمورد للمضرب، فصار تمثيلاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق